بيب غوارديولا .. لعبة خسارة الاستحواذ

جريدة الملاعب -

لم يكن بيب غوارديولا سعيداً بعد مباراة تشيلسي، لا شك أنه كان سعيداً بالنتيجة، لكن سؤال خسارة الاستحواذ كان مزعجاً للرجل الذي قال يوماً "إذا دربت فريقاً صغيراً ربما لا أفوز بالبطولات، لكنني أضمن أقسم لكم أنني الكرة ستكون لنا".

لم تكن مباراة تشيلسي الأولى التي يخسر فيها غوارديولا الاستحواذ في إنجلترا، فمباراة شهر مارس ضد ليفربول التي انتهت بفوز مانشستر سيتي 2-1، لم يتجاوز استحواذ فريق غوارديولا 49.6%، إلا أنه وصل في مباراة تشيلسي إلى أدنى معدل في مسيرته (381 مباراة) وهو 46.74%.

لا يجعل الحديث في هذا الأمر ممكناً اليوم سوى مثالية غوارديولا، تلك المثالية التي لعبت إنجلترا دوراً استثنائياً بتحولها إلى واقعية، لا نتحدث عن الاستحواذ فقط بل عن المقاربة المختلفة للعبة ومحاولة إيجاد الحلول المثالية للمحافظة على طريقة اللعب خاصة وأن نوعية الخصوم باتت مختلفة ونوعية الأسلوب التي تتبعه أيضاً.

العقبة الأهم لغوارديولا كانت كيف يوفق بين المساحة والاستحواذ، خاصة حين يلعب ضد أندية تُجيد الضغط وتملك سرعات، ذلك الفخ الذي كان يقع دائماً فيه في مواجهة يورغن كلوب حين كان يواجهه مع بايرن ميونيخ أو حتى في مواجهات ليفربول ومانشستر سيتي. نوعية المواجهة أمام كلوب الذي يعمل على الضغط العكسي بشكل كبير، تختلف عن نوعية المواجهة أمام دانييل فاركي مدرب نورويتش سيتي الذي نجح بضرب بيب بالمساحات، وتختلف أيضاً عن مواجهة فرانك لامبارد الذي يُجيد الضغط عالياً ويجيد الخروج المثالي بالكرة مع وسط ملعب قوي يُتيح له الاختفاظ بالكرة.

يبحث بيب في كل مواجهة عن حلول مختلفة، فأزمته أمام نورويتش لا شك أنها ارتبط بنوعية الدفاع، فيما معركته مع كلوب هي دائماً معركة فلسفية خالصة، حيث أثبتت التجربة أن ترك المساحات في الملعب أمام كلوب لن يؤدي إلا إلى مقتل فريق بيب، ولعل أفضل المباريات التي لعبها مانشستر سيتي صد ليفربول هي تلك التي كان الاستحواذ فيها متقارباً جداً بحيث لا يترك غوارديولا أي مساحات لفرقة كلوب للعب عليها وينتظر اللحظة المناسبة.

في مباراة تشيلسي الاخيرة، لم تكن خسارة بيب الاستحواذ خياراً بل كانت تحت تأثير قوة وسط تشيلسي، بعد المباراة قال غوارديولا "مرة في هذا العمر، بات لدي رقم قياسي جديد، لقد فزت مباراة من دون الاستحواذ على الكرة".

هل يُمكن أن تتحول هذه السابقة إلى خيار؟

لا ظروف أصعب من ظروف البريميرليغ، لا نعلم إن كان غوارديولا قادراً على ابتكار شيئاً جديداً بعد دخول الأظهرة للعمق والتحرك بالـ half space معتمداً على فعالية سيلفا ودي بروين وبرناردو والأجنحة السريعة. تلك الحركة التي بات الجميع قادر على حفظ على الرغم من صعوبة التعامل معها من فريق إلى آخر وفقاً للإمكانيات والقدرات الفردية وفائض القوة لدى فريق غوارديولا.

يعيش غوارديولا اليوم هاجسين: الأول افتقاده لقوة الدفاع بسبب كثرة الإصابات وتراجع المستويات الفردية والثاني هو تحدي دوري أبطال أوروبا. وفي الشقين يحتاج إلى مزيد من البراغماتية خاصة في المباريات الكبيرة، فهل تتحول السابقة إلى سلاح جديد بين يدي غوارديولا؟ وهل ستكون جزء من التعديلات على يفرضها تطور كرة القدم عموماً وإنجلترا خصوصاً على مقاربته للتكامل بين الفلسفة والنتيجة؟ وما يلي ذلك من صراع بين الاستحواذ وخلق المساحة الممكنة لصناعة الفرص؟ هذا صراع غوارديولا وحده قادر على الإجابة عليه في الأسابيع القامة.